ستيفن والت يكتب: السلام أفضل وأجدى من الحرب

تم النشر: 24-12-2022 الساعة 13:02

الحرب بطبيعتها مدمرة، وغالبًا ما تكون نتاجها غير مؤكدة، وإدراك ذلك يدعو إلى إحلال السلام.

قال أستاذ العلاقات الدولية بجامعة هارفارد، ستيفن والت، إن موسم الأعياد جيد للحث على نشر السلام في العالم وتنحية الوحشية.

وأضاف، في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي، أمس الجمعة 23 ديسمبر 2022، أن عام 2022 لم يكن عامًا جيدًا للسلام، فالحروب والصراعات العنيفة في أنحاء العالم لم تنتهِ، بل من الممكن أن تزداد سوءًا.

خطوات مثيرة للتسلح
أشار والت إلى أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ونظيره الصيني شي جين بينج، أدارا اجتماعًا وديًّا في قمة مجموعة العشرين في بالي، ورغم ذلك لا تزال أقوى دولتين في العالم منقسمتين حول مجموعة من القضايا المهمة.

وأضاف أن تصويت مجلس الشيوخ الأمريكي على زيادة 8% في ميزانية الدفاع، لا ينبغي له أن يفاجئ أحدًا، نظرًا إلى رغبة الولايات المتحدة في أن تظل القوة العالمية الرائدة، لافتًا إلى أن الدول السلمية، مثل ألمانيا واليابان، اتخذت أيضًا خطوات مثيرة لإعادة التسلح خلال عام 2022.

دروس الواقعية
أوضح الكاتب أن هذه التطورات ليست مفاجئة، فالدرس المركزي للواقعية هو أن احتمالية الحرب المستمرة تلقي بظلالها على الكثير مما تفعله الدول، لأن الحرب بطبيعتها مدمرة، وغالبًا ما تكون غير مؤكدة، ويميل الواقعيون إلى إدراك مخاطر تهديد ما يعده الآخرون مصالح حيوية.

وذكر أن الواقعيين من جميع الاتجاهات يؤكدون السمات المأساوية لعالم يجري فيه تضليل القادة بسهولة من خلال معلومات مغلوطة أو بسبب طموحاتهم وتطلعاتهم الشخصية، فيمكن للأهداف النبيلة أن تؤدي إلى نتائج مؤسفة.

فوائد السلام
قال والت إن السلام يجعل الاعتماد المتبادل بين الدول أكثر جدوى، ويسمح لها بالاستمتاع بفوائد التبادل الاقتصادي في ظل مخاطر أقل، فعندما ينخفض خطر الحرب، يمكن للمستثمرين ضخ أموالهم بأمان في دول أخرى، ويمكن للجميع السعي لتحقيق مكاسب مشتركة بدلًا من السعي لتحقيق ميزات تنافسية.

وأشار إلى أن عدم التنافس الخطير بين القوى الكبرى أدى إلى تسهيل العصر الحديث للعولمة، ما نتج عنه فوائد هائلة للبشرية، رغم أوجه القصور فيها، وعندما تغيب نذر الحروب، يمكن للمجتمعات أن تصبح أكثر انفتاحًا على تبادل الأفكار والثقافات المختلفة.

مخاطر الحروب
أوضح أن تكاليف مخاطر الحروب باهظة وخطيرة، فمنذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية قُتل وجرح نحو 200 ألف أوكراني وروسي، وكانت التكاليف الاقتصادية على أوكرانيا مخيفة، والاقتصاد الروسي في مزيد من التدهور، وتفاقمت الأزمات الاقتصادية، وتناقص الغذاء في العديد من الدول الأخرى.

وذكر أن التكاليف المباشرة للصراع ليست سوى جزء من الثمن، فمع اشتداد المنافسة بين الدول وتزايد مخاطر الحرب، تنخفض القدرة على التعاون حتى في القضايا ذات الاهتمام المشترك، لافتًا إلى أنه كلما زاد عدد الدول التي تتقاتل، أو زاد الوقت والجهد والمال الذي تخصصه للحرب، كان من الصعب معالجة الأزمات الأخرى.

خطر لا مفر منه
أفاد والت أن تصاعد الحرب خطر لا مفر منه، فالدول تميل إلى بذل جهود حثيثة لتحقيق النصر، وغالبًا ما تنخرط فيها أطراف ثالثة عن قصد أو غير قصد، لافتًا إلى أن مثل هذه الأخطار تثير القلق من حدوث تصعيد نووي، ومن التهور استبعاد حدوثه، ما يقدم سببًا قويًّا لتفضيل السلام على الحرب.

وقال إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد يكون لديه أسباب مشروعة للقلق إزاء توسع الناتو وتأثيره في أمن روسيا، إلا أن “أسلوبه في حل” تلك المخاوف تسبب في مقتل الآلاف من الأبرياء ومعاناة إنسانية هائلة، ولن يحقق لروسيا القوة ولا الأمان.

نتائج عكسية للحروب
لاحظ والت أن السمة اللافتة للنظر في الحروب الأخيرة هي مدى تكرار نتائجها العكسية على الدول التي تشنها، موضحًا أن شن القوى الكبرى لحروب كبيرة وتحقيق مكاسب استراتيجية لم يعد يتكرر، لافتًا إلى أن قرارات شن الحروب الحديثة لم تؤت ثمارها المأمولة للطرف المسؤول.

واستشهد الكاتب بغزو الرئيس العراقي السابق، صدام حسين، للكويت، والذي أدى إلى خسارة فادحة للعراق، وغزو الولايات المتحدة للعراق وأفغانستان، وانتهى بها الأمر في مستنقع باهظ الكلفة، بالإضافة إلى أنه قد أدى تدخلها في ليبيا عام 2011 إلى جعلها دولة فاشلة.

رسالة سلام
بعث والت برسالة سلام إلى زعماء العالم، حثهم فيها على الحفاظ، بكل الوسائل، على قوات دفاع يمكنها حماية دولهم، أو مساعدة حلفائهم، داعيًا إلى عدم تعدي السياسات الأمنية الخارجية والوطنية على مصالح الدول الأخرى الحيوية، ومحاولة حل الأزمات من دون تعريض أي دولة للخطر.

ودعاهم، والت، كذلك إلى عدم الإنصات إلى أفكار شن الحروب لحل الأزمات السياسية، حتى إذا كانت الظروف مثالية والمخاطر قليلة، مذكرًا إياهم بجميع القادة السابقين الذين خاضوا الحروب واثقين من النصر، رغم أن خيار السلام كان الأفضل لهم.